طلب العلم
قال الله تعالى (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)) (الزمر:9) فمنع سبحانه المساواة بين العالم والجاهل لما قد خص به العالم من فضيلة العلم وقال الله تعالى (( وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)) (العنكبوت:43) فنفى أن يكون غير العالم يعقل عنه أمراً أويفهم عنه زجراً ، يدل على فضل العلم أن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله مزيداً من العلم فقال: (( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً)) (طه :114) ،
عن المصطفى { أحاديث عدة في فضل العلماء منها ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول { قال: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل له به طريقاً إلى الجنة".
قال الإمام الطيبي: والضمير في به عائد إلى من، والباء للتعدية أي يوفقه أن يسلك طريق الجنة وقال الرسول {: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" رواه الترمذي.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله {: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه مالاً فسلّطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها" متفق عليه.
والمراد بالحسد في هذا الحديث الغبطة بأن يتمنى مثل حال المغبوط، لا أن يتمنى زوال نعمة غيره فذلك هو الحسد المنهي عنه في قوله تعالى: >> ومن شر حاسد إذا حسد << ومما يدل علي تكريم الإسلام للعلم أنه جعله فريضة على كل مسلم في قوله {"طلب العلم فريضة على كل مسلم" أخرجه ابن ماجه وابن عدي وابن عبد البر وغيرهم،قال العلامة المناوي: قد تباينت الأقوال وتناقضت الآراء في هذا العلم المفروض على نحو عشرين قولاً وأجود ما قيل قول القاضي أن العلم المفروض هو مالا مندوحة عن تعلمه كمعرفة الخالق جل وعلا ونبوة محمد { وكيفية الصلاة ونحوها فإن تعلمها فرض عين والظاهر أن المراد به كل ما يحتاجه المسلم من أمور العقيدة وشرائع الإسلام من حلال وحرام مما جاء عن النبي {.
ويقول الرسول {: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم ، فإن للعلم في الإسلام شأنا وأي شأن، ويكفي للدلالة على منزلته أنه صفة من صفات الله جل جلاله: وهو السميع العليم [الأنعام: 13]، وأنه سبحانه قد أمر به قبل العمل فاعلم أنه لا إله إلا الله [محمد: 19] وما ذلك إلا لأن صحة العمل مرهونة به، وقد أمر جل جلاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- بطلب الاستزادة منه فقال: وقل رب زدني علماً [طه: 114]، وقد استفاض حديث القرآن الكريم عن العلم حيث وردت مادة علم فيه أكثر من سبعمائة مرة، كذلك لم يخل كتاب من كتب السنة من كتاب موضوعه العلم [د. سعد عبد الرحمن الجريد، رسالة دكتواره]، ولهذه المنزلة العالية كان طلبه فريضة كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" [أخرجه ابن ماجه في سننه وصحّحه الألباني]، ومن هذا الفرض ما يكون فرض عين ومنه ما يكون فرض كفاية فكل ما يحتاج إليه لصحة العبادة فهو فرض عليه فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب -القاعدة الأصولية المقررة- وماعدا ذلك من سائر العلوم التي نحتاج إليها في إقامة حياة سوية فإن تعلمه على الكفاية أي أنه لابد أن يكون في المسلمين من يعلمه بالقدر الذي يسد حاجتهم إليه وإلا أثم المسلمون جميعاً [نحو منهجية إسلامية للعلوم الإنسانية والاجتماعية.
ومن احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكررحم الله من سمع منا حديثا فرواه كما سمعه فإنه رُبَّ محدث أوعى من سامع
14. (صحيح مرفوعا) عن أبي الدرداء قال:
العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوقّ الشر يوقه،وقال ايضا : مثل الذي يعلم العلم، ولا يحدّث به كمثل رجل رزقه الله مالاً فلم ينفق منه.
[strike][i]