إذا لم يكن ما تريد أرد ما يكون
ما دمت ملزماً فاستمتع ..
هكذا كنت أقول لشاب أصيب بمرض السكر ..فكان يشرب من غير سكر ..ويتأسف لحاله..
كنت أقول له : هل إذا تأسفت وحزنت أثناء شربك الشاي ..هل تنقلب المرارة حلاوة؟1..
قال :لا ..
قلت: مادمت ملزماً..فاستمتع ..
أعني أن الدنيا لا تأتي دائماً على ما نحب ..
وهذا يقع في حياتنا كثيراً ..
سيارتك قديمة ..مكيف لا يشتغل ..مراتب ممزقة ..
ولا تستطيع حالياً تغييرها ..
مالحل ؟مادمت ملزماً فاستمتع ..
تقدمت للدراسة في الجامعة ،فقبلت في كلية لا ترغب في الدراسة فيها ..حاولت تعديل الحال فلم تستطع..
فاضطررت لمواصلة الدراسة ..وأكملت سنتين وثلاثة ..فما الحل؟
فما دمتَ ملزماً فاستمتع ..
تقدمتَ لوظيفة فلم تقبل..وقبلت في أخرى ..وبدأت دوامك فيها ..
فما الحل ؟مادمت َملزماً فاستمتع..
كثير من الناس يجعل الحل هو الاكتئاب الدائم ..والتأفف من واقعه ..وكثرة التشكي إلى من عرف ومن لم يعرف!
وهذا لا يردُّ إليه رزقاً فاته..ولايعجل برزق لم يكتب له ..
إذن ما الحل؟
إذا لم يكن ما تريد أرد ما يكون ..
فالعاقل هو الذي يتكيف مع واقعه كيفما كان ..مادام لا يستطيع التغير إلى الأحسن ..
أحد أصدقائي كان يشرف على بناء مسجد ..فضاقت بهم النفقة ..فتوجهوا إلى أحد التجار للاستعانة به في إكمال
البناء..فتح لهم الباب ..جلس معهم قليلاً ..واعطاهم ما تيسر ..
ثم أخرج دواء من جيبه وجعل يتناوله ..
قال له أحدهم :سلامات ..عسى ماشر!!
قال: لا..هذه حبوب منومة ..منذ عشر سنين لا أنام إلا بها..
دعوا له ..وخرجوا..
فمروا على حفريات وأعمال طرق عند مخرج المدينة ..قد وضع عندها أنوار تعمل بمولد كهربائي قد ملأ الدنيا ضجيجاً..
ليس هو الغريب..
الغريب حارس المولد هو عامل فقير افترش قصاصات جرائد ..وناام..
نعم عش حياتك ..لا وقت فيها للهمِّ..تعامل مع المعطيات التي بين يديك..
خرج .. مع أصحابه في غزوة فقلَّ طعامهم..وتعبوا..فأمرهم ..أن يجمعوا ما عندهم من طعام ..وفرش رداءه ..
وصار الرجل يأتي بالتمرة ..والتمرتين ..وكسرة الخبز ..وكلها تجتمع فوق هذا الرداء ..
ثمَّ أكلوا ..وهم مستمتعون..ربما لم يشبع منهم أحد..لكنه على الأقل أكل ما يسد به رمقه ..والجود من الموجود..
لمحة
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ..
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..
من كتاب استمتع بحياتك لفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي
ودمتم بخير..