الـمقـنع الكــندي ..الشاعر الزعــيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تغفر القبيلة لزعيمها ورئيسها إسرافه في تبذير أمواله والاستدانة في الأنفاق على المحا مد والمكارم فغاضبته وعاتبته .. ولكن من هي القبيلة ؟ ومن هو الزعيم ؟.
أما القبيلة فهي كندة من اشهر واعرق القبائل اليمينة ، موطنها حضرموت وفيها بيت الملك ولها السيادة حقبا من الدهر، لم تعبد في الجاهلية الأصنام ولم تقسم بالازلام ، وفدت وفودها على الرسول (صلى الله عليه وسلم) طائعة مسلمة ،وقال فيهم (الا أخبركم بخير قبائل العرب ؟ قالوا بلى يارسول الله ،قال :السكون سكون كندة ، والاملوك ملوك ردمان ،وفرق من ألا شعريين ،وفرق من همدان ) وقال (همدان هامة اليمن ،وكندة في اليمن كالشاهين في الريحان) ، وبرز من كندة أعلام كثيرون في شتى شئون الحياة دونتهم كتب التاريخ والتراجم .
اما الشاعر فهو ، محمد بن ظفر بن عمير بن ابي شمر بن فرعان بن قبس بن الأسود بن عبدالله بن الحارث بن عمرو بن معاوية بن كندة ينتهي نسبه الى يعرب بن قحطان ، لقب بالمقنع بسبب تلثمه خوفا من العين لفرط جماله وبهاء حسنه ، وهو شاعر من العصر الأموي عاصر الوليد بن يزيد وامتدحه ، ويمتاز شعر المقنع برصانة الأسلوب وانتقى الألفاظ والمفردات الشعرية بعناية فائقة تعرب عن تمكنه في صناعة الشعر وسموء مكانه بين شعراء العربية الفطاحل ، ولايكاد يخلو كتاب من كتب الأدب المشهورة من قصيدته الذائعة الصيت التي يرد بها على بني قومه حينما عاتبوه على كثرة أنفاقه والاستدانة في سبيل ذلك ، فهو كريم لا يرد سائل ولا يقطع رجاء مرتجى ، ويدافع المقنع عن نفسه ومبدأه وفلسفته في الحياة قائلا :ـ
يعاتبني في الدين قومي وانما ديواني في أشياء تكسبهم حمدا
أسدبه ماقد اخلوا وضيعوا * ثغورحقوق مااطاقوا لها سدا
فما زادني الاقتارالا تـقربا*ومازادني فضل الغني منهم بعدا يعاتبني في الدين قومي وانما * ديوني في أشياء تكسبهم حمدا
الى ان يقول :ـ
وان الذي بيني وبين بني ابي*وبين بني عمي لمختلف جـدا
اراهم الى نصري بطاءوان هم*دعوني الى نصراتيتهم شدا
فان اكلوالحمي وفرت لحومهم*وان هدموا مجدي بنيت لهم مجدا وان ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم*وان هم هوواغيي هويت لهم رشدا
وان زجروا طير بنحس تمـر بي * زجرت لهم طيرا تـمر بـهم سعـدا
ولااحمل الحقد القديـم عليهــم* وليس رئيس القوم من يحمل الحقـدا
لهم جل مالي ان تتابع لي غــنى * وان قل مالي لهم كلفهـــم رفـدا
واني لعبد الضيف مادام ثاويا * وماشيمة لي غيرها تشبه العبـــدا
على ان قومي ماترى عين ناظر * كشيبتهم شيبا ولا مردهم مــردا
لفضل واحلام وجود وسؤدد * وقومي ربيع الزمان اذا شــــدا.
لله دره ، قال الحكمة (والحكمة يمانية ) في أبيات لطيفات رقيقات وليست هذه فلته من فلتأته وانما نراه يؤكد هذه المعاني السامية في اكثر شعره ، الا نجله حين نسمعه يقول :ـ
واذا رزقت من النوافل ثروة فامنح عشيرتك الاداني فـضلـها
واسـبقها لدفاع كل ملمة وأرفق بناشئها وطاع كهـلــها
وأحلم اذا جهلت عليك غواتـها حتى ترد بفضل حلمك جـهـلها
واعلم بأنك لا تكــون فتاهـم حتى ترى دمث الخلائق سـهـلها.
نعم صدقت ومااحوجنا اليوم الى مثل هـذه المثل الراشـدة التي تستمد نور ضيائها من روح الاسلام وتعاليمه .
__________________
وماتوفيقي الا بالله